يا غزة لن تموتي فطلابك قادمون


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

يا غزة لن تموتي فطلابك قادمون
يا غزة لن تموتي فطلابك قادمون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

النزعة الفاشية -العنصرية في الفكر الصهيوني الاستيطاني‏

اذهب الى الأسفل

النزعة الفاشية -العنصرية في الفكر الصهيوني الاستيطاني‏ Empty النزعة الفاشية -العنصرية في الفكر الصهيوني الاستيطاني‏

مُساهمة من طرف Admin الجمعة أبريل 01, 2011 9:55 pm




ليس من أهداف هذا البحث التأريخ المفصل لآراء المفكرين الصهاينة أو الحركات الصهيونية، في إطار ما يُسمّى بالصهيونية السياسية، والتي نشأت في أواخر القرن الماضي، وأوائل القرن العشرين، وقد جسّد دعاواها ووضع الخطوط الأساسية لمشروعها مؤتمر "بال" 1897م، لسنا بحاجة إلى هذا الغرض لأنّ المكتبة العربية عامرة في هذا الجانب، وكذلك في ما يتّصل بالجذور الدينية (التوراتية والتلمودية) للفكر الصهيوني.‏
إنّ ما يعنينا هنا الفلسفة العدوانية، والروح الحاقدة، والنزعة المتطرّفة والفوقية والإرهابية لعدد من مفكّري ومنظرّي الصهيونية من الاتجاهات والتّيارات المختلفة. كما هو معروف فإنّ الأغلبية الساحقة من هؤلاء الفلاسفة والمفكرين والدعاة (ولا سيما الأوائل) عاشوا في أوروبا الشرقية، التي كانت تغلي بالثورة، وتصاعد المدّ الاشتراكي والفكر الثوري، ونشاط الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي بوجه خاص. ولذلك فقد لبس معظمهم الأقنعة الثورية، وادّعى الانتماء لليسار والاشتراكية بل وللماركسية، لمداراة حقيقة فكرهم وانتمائهم للصهيونية الشوفينية، وجوهرها المعادي للإنسانية، وأهدافها العدوانية، وروحها العنصرية -التدميرية. وقد لجؤوا لتحقيق غرضهم هذا إلى المخاتلة والمناورة والتلفيق في الفكر، والمواقف حتى يجمعوا بين عرقيتهم الاستعلائية البغيضة ونزعتهم الشوفينية، ودعاواهم "الاشتراكية و"الاندماجية"و"الإصلاحية" و"التحررية". وذلك من أجل جذب وخداع الشباب اليهودي، الذي انخرط بغالبيته في النضال التحرري الديمقراطي والاشتراكي، وفي الحركات الثورية التي كانت تغطّي الساحة السياسية الأوروبية حينذاك(40).‏
وقد أسفرت الصهيونية كما أسفرت الحركات الرجعية السوداء في أوروبا، عن حقيقتها- من خلال بروز تيار فاشي صريح- لا يتخفى وراء أقنعة أو شعارات اشتراكية زائفة، وهو ما يُدعى بالتيار "التنقيحي" بزعامة "فلاديمير جابوتنسكي" (1880-1940). وهو زعيم صهيوني متطرّف وقائد حركة "الصهيونيّين التنقيحيّين". ولد في روسيا من عائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى. شارك في المؤتمرات الصهيونية في مطلع القرن العشرين وانتقل إلى استانبول، حيث تولى مسؤولية الصحافة الصهيونية (1909-1911)، وعمل على المشاركة في تأسيس الصندوق القومي اليهودي والفيلق اليهودي. شارك مع وحدات "الهاغاناه" في ضرب المظاهرات العربية في القدس عام 1920. في عام 1921 أصبح عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة الصهيونية العالمية، وعمل على محاربة البلاشفة بصفته الرسمية آنذاك. استقال في عام 1923 وأسّس حركة "بيتار" (أو بيطار) وفي عام 1925 أسّس اتحاداً عالمياً للتنقيحيّين، نظراً لخلافه مع القيادة الصهيونية، واتهامه لها بالتخاذل وعدم الحسم. كما أسس في الثلاثينيات منظمة صهيونية للعمّال تنافس الهستدروت، ومن مواقع مؤيدة للرأسمالية لإقامة مجتمع صهيوني رأسمالي. اشتهر جابوتنسكي بميوله الإرهابية وتمجيد العنف والقوّة، وقلّد الفاشية في الثلاثينيات وشجّع تهريب اليهود إلى فلسطين، ودعا صراحةً وعلانيةً إلى سياسة الإرهاب والقوّة والطرد والسحق للعرب، بغية إجبارهم على الاعتراف بالوجود الصهيوني، وبذلك يُعَدّ "رائداً" للفكر العنصري -الشوفيني، الذي تبنّته المؤسّسة العسكرية (الإسرائيلية) فيما بعد(41). وكان هذا التيّار، كما كشفت الأحداث اللاّحقة هو المعبّر الأصدق والأكثر أمانة وصراحة عن الفلسفة الصهيونية وأهدافها العدوانية -الاستيطانية. لقد كان الخلاف بين التيارين المتطرّف و"المعتدل" (بزعامة وايزمان والعناصر الاشتراكية -الصهيونية) خلافاً في التكتيك وفي أساليب العمل، ووسائل تحقيق المشروع الصهيوني، في إطار الظروف العالمية والإقليمية والمحلية السائدة في كل مرحلة. ففريق وايزمان والقيادة الصهيونية تصرّف وفق سياسة حاذقة، "سياسة الخطوة خطوة" في تنفيذ مشروع ما زال يحبو في المهد، ولا يعلن عن أهدافه الحقيقية، بل هو ينكرها أو يستنكرها أحياناً، في حين أعلن جابوتنسكي على الملأ دون لفّ و دوران الأهداف الاستيطانية -الإفنائية الحقيقية والبعيدة، والوسائل الإرهابية والعدوانية، التي ينبغي سلوكها مع العرب، أصحاب الأرض الأصليين.. للوصول إلى تلك الأهداف. فدعا صراحة ودون مواربة إلى تطبيق الأساليب الفاشية إزاء العرب. وهو بذلك يكاد يكون المفكّر والداعية السياسي الصهيوني الأوّل، الذي أفصح عن فلسفته العرقية والفاشية- الاستعلائية، مباشرة وصراحة، على غير عادة الجمهرة من هؤلاء المفكرين والمنظّرين، الذين كانوا يزعمون الانتماء للقوميات الأوربية الصاعدة، أو للحركات الديمقراطية والاشتراكية واليسارية ذات النزعة الإنسانية الأممية.‏
وعلى خلاف وايزمان وقادة المنظمة الصهيونية، الذين يتهمهم بالضعف، كان جابوتنسكي يؤمن أنّ العسكرة وسياسة الأمر الواقع في تنفيذ الهجرة المكثفة على حساب السكّان العرب.. هي الاستراتيجية التي يجب أن يتبعها الصهاينة لتنفيذ أهدافهم التوسّعية- الاستيطانية. أمّا بن جوريون والقادة "الاشتراكيون" فلم يكونوا يعارضون تشكيل فرق القتل والإرهاب، ولكنهم كانوا يفضّلون التصرف بحذر خشية إثارة العرب قبل استكمال الاستعدادات.‏
كان جابوتنسكي يطالب بكلّ فلسطين لليهود، كما طالب بضم أراضي شرق الأردن، "لأنها جزءٌ لا ينفصل عن فلسطين" (كما كان يؤكّد)، وأن تدخل في إطار الاستيطان اليهودي. هذا هو مفهومه عن "الوطن القومي" الوارد في وعد بلفور وفي صك الانتداب: دولة مستقلة يهودية على كل أرض فلسطين وشرق الأردن.‏
وكان جابوتنسكي يرد على الآراء، التي ترى أنه لا يجوز الإعلان عن أهداف الصهيونية صراحة، بالقول: إنّ العرب قد اطلعوا على "الدولة اليهودية" بحسب هرتزل (1860-1904)، ويعرفون هدف اليهود الحقيقي، أما سياسات التآمر وإخفاء الأهداف الحقيقية للصهيونية، فإنها لا تخدع سوى أصدقاء الصهيونية، لا أعدائها، ولتوفير الأغلبية اليهودية لا بدّ من الهجرة بأعداد كافية، ونشر الاستيطان إلى شرق الأردن. أما عداوة العرب للصهيونية، وللاستيطان اليهودي، فهي أمر طبيعي ولا مندوحة عنه، وبما أنّ اليهود هم الذين "تهددهم الكارثة في أوروبا" فإن طلبهم الأمان "في وطنهم القومي" هو قضية عادلة تماماً وأخلاقية! ولا محل للتساهل أو التفاهم مع العرب في هذا الأمر، ولا مجال للتأخير أو الانتظار، لأن العرب سيستمرون في معارضتهم هذه، حتى يُفرض عليهم الأمر الواقع بالقوّة، وحتى يدركوا أن ليس هناك إمكانية لتدمير (إسرائيل)، وأنه لم يعد أمامهم سوى أنْ يتقبلوا العيش مع الأغلبية اليهودية، ومن هنا فإن وجود جيش يهودي هو الضرورة العاجلة، كما كان يصرّح دائماً وفي مناسبات كثيرة (42).‏
إن جابوتنسكي يستمد عناصر فلسفته الصهيونية من نظريات "التفوق العرقي" والصورة المثالية "للأمة المطلقة" و"الشعب المختار" و"الأفكار والآراء والنماذج الفاشية والقومية المتعصبة في أوروبا. وقد تجلّت فلسفته العنصرية في كتاباته السياسية والأيديولوجية، وفي روايته "روما والقدس" (على لسان بطل الرواية شمشون)، وفي مقالاته حول منظمة "بيتار" "الشبابية -الصهيونية المتطرفة. وتتّسم فلسفته العنصرية -العدوانية بالانفعال والديماغوجية ومخاطية الغرائز، وإيقاظ مشاعر الكره والحقد والتعصّب. والواقع أنّ هذه السمات كلها تنطبق بشكل دقيق على البرنامج الصهيوني في مجموعة، وعلى الحركة الصهيونية بكل أحزابها وتفرعاتها، ولكنها أوضح وأصرح ما يكون في برنامج جابوتنسكي "التنقيحي" الذي لخّصه في جولة له في بلاد البلطيق في‏ عام 1924 قائلاً:‏
"برنامجنا ليس معقداً، فهدف الصهيونية خلق دولة يهودية، حدودها ضفتا الأردن، ونظامها: استيطان مكثّف ومشاكلها المالية تحل من خلال قرض قومي. هذه المبادئ الأربعة لا تتحقق دون قبول دولي، ولذا فإن شعار الساعة هو حملة عالمية جديدة، وعسكرة الشباب اليهودي في أرض (إسرائيل) وفي الدياسبورا" (43).‏
والواقع أنّ جابوتنسكي وزملاءه في الحركة الصهيونية بتياراتها وتفرّعاتها المختلفة، يستمدون فلسفتهم العنصرية والإرهابية- العدوانية من تراثهم وعقلية الحقد والكراهية، التي ترعرعوا في محيطها، بل من كتبهم، التي (يقدسونها) ويلتزمون بتعاليمها، ومن "إلههم" القبلي، الذي ابتدعوه، ليتناسب مع نفسياتهم وأطماعهم وعجرفتهم.‏
لن نطيل في هذه النقطة، التي شكّلت مادّة ضخمة لآلاف الدراسات والتحليلات والمقارنات، ويكفي هنا الإشارة السريعة إلى أن روح العنف والحقد والأنانية التي سيطرت على هذه الجماعة، أُلصقت بإلهها الخاص "يهوه". فإذا به إله قاس، مرعب، حقود، منتقم، غيور، طمّاع، وصاحب نفسية متعالية، تشتعل بالثأر والانتقام. يسير أمام القتلة لأنه "رب الجنود"، ويأمر بتدمير المدن، وذبح البشر، في هجمات وحشية ساحقة، دونما شعور بشفقة أو حنان.‏
و"يهوه" يحثّ أتباعه على الإغارة على المدن الكنعانية العامرة بالحضارة الإنسانية، لتدميرها وإفناء ساكنيها. فهو يقول لموسى: "إنّ ملاكي يسير أمامك، ويجيء بك إلى الأموريين والحثّيين والفرزيين والكنعانيين والحويّين واليبوسيين، فأبيدهم.. أرسل هيبتي أمامك وازعج جميع الشعوب الذين تأتي عليهم وأعطيك جميع أعدائك مدبرين. وأرسل أمامك الزنابير. فتطرد الحويين والكنعانيين والحثّيين من أمامك لا أطردهم من أماكن في سنة واحدة لئلا تصير الأرض خربة فتكثر عليك وحوش البرية قليلاً قليلاً أطردهم من أمامك إلى أن تُثمر وتملك الأرض. وأجعل تخومك من بحر سوف إلى بحر فلسطين ومن البرية إلى النهر. فإني أدفع إلى أيديكم سكان الأرض فتطردهم من أمامك" (خروج 23: 23-32).‏
والواقع أن جابوتنسكي استمدّ عناصر فلسفته الإرهابية- العدوانية من عقيدة العنصرية والكراهية والتطرف، التي زرعها أحبارُهم في كلّ عبارة من عبارات "التوراة" و"التلمود" ومن الروح "الجيتوية" الحاقدة على الشعوب المتحضّرة المنفتحة، وأيضاً من تحزّبه الصريح للفاشية الإيطالية، التي عايشها زمناً (في إيطاليا) إبان صعود الفاشية واستيلائها على السلطة. وقد عبّر عن هذه النزعة من خلال جملة من المقالات والخُطب النارية، كمقالة "الإنسان ذئب الإنسان" وفكرة البيتار (أو البيطار) و"عرض تاريخ اليهود" حيث يبشّر بالعرقية الشوفينية، مؤكداً أن اليهود، وليس غيرهم، هم العرق المتفوّق على الأعراق والأمم كلها.‏
إنّ أهميّة جابوتنسكي في الحقيقة تتمثّل في طرحه لصهيونية عارية، بلا تجميل أو "رتوش" عناصرها ومقوماتها هي المرتكزات الجوهرية للصهيونية في مجموعها، برغم كل الصراعات الظاهرة والعنيفة التي فرّقت بينه وبين الأحزاب الأخرى، وخصوصاً الصهيونية العمّالية والاشتراكية. وهو لا يخفي مصادر فلسفته أو يزيّفها، فلا هي من ماركس ولا إنجلز ولا هيغل، ولا من الحركة الاشتراكية أو الفكر الليبرالي، بل من أسفار "التوراة" وكتب التلمود، ومن موسوليني والنازية. ففلسفته المتطرفة تتغذّى مباشرة وبلا مواربة من المنابع المسمومة، التي عاشت عليها أحياء اليهود المنعزلة، الحاقدة، ومن الأيديولوجيات القومية- الفاشية، التي سيطرت على أوروبا في العقود الأربعة الأولى من القرن الحالي.‏
وكان أشمير Achmeir مُنظّر "الحركة الصهيونية التنقيحية" في فلسطين يرى أن موسوليني أكبر عبقرية سياسية عرفها عصره.‏
وجاراه في هذه النزعة الفاشية "شاعر الصهيونية التنقيحية" زفي جرنبرج، الذي كان يرى في الحركة الاشتراكية العالمية العدو الأكبر، وأعلن صراحة أن كل نظام جديد في التاريخ ثبت نفسه انطلاقاً من تدمير أعدائه، ومعيار التغيير الوحيد هو كمية الدم المراق(44).‏
وقد جسّد "الصهاينة التنقيحيون" بزعامة جابوتنسكي توجّهاتهم الفاشية- الإرهابية بتشكيل "منظمة الشباب التنقيحي" (بيتار أو بيطار) في عام 1923، لإعداد الشبيبة الصهيونية للحياة الجديدة في فلسطين، والتدرّب على العمل الزراعي والقتالي، وتعلّم العبرية، وتلقينها أيديولوجية فاشية تحت شعار "الغلبة أو الموت" وسبيلها إلى ذلك خلق الأساطير: "العودة، الدم والحديد.. "ملكوت إسرائيل".. الخ والشبه بين شعاراتها وشعارات الشبيبة الفاشستيّة في العشرينات والثلاثينيات لا يخفى.‏
ولقد رفع جابوتنسكي الاستعراضات و"المارشات" العسكرية والروح الاحتفالية الشائعة في ذلك الحين بين الحركات الفاشيّة والقومية المتعصبة في أوروبا، إلى مستوى المبدأ الأعلى.‏
استقلت منظمة "بيتار" في الثلاثينيات بقيادة جابوتنسكي عن المؤسسة الصهيونية الرسمية، لتصبح نواة "المنظمة الصهيونية الجديدة"، وهي المنظمة الأم لعصابة "الأرغون" الإرهابية، وهي التي أسّسها بيغن على خطى "معلّمه" وزميله و"مثله الأعلى" جابوتنسكي.‏
ومع أنّ أعمال هذه المنظمة الإرهابية في فلسطين العربية معروفة للقاصي والداني، لكن لا بأس من التذكير بأنّ "أرغون" هو الاسم المختصر للمنظمة الصهيونية الإرهابية: "أرغون تسفاي لئمي بآرتس يسرائيل"، أي "المنظمة العسكرية القومية في أرض إسرائيل" تأسست هذه المنظّمة بالاشتراك مع جماعة مسلحة من "الهاغاناه". وكان جابوتنسكي هو الأب الروحي لهذه المنظمة، ودافيد رازيل القائد العسكري لها. بينما مثّل أبراهام شيترن قيادتها السياسية. وكان شعار المنظمة يداً تمسك بندقية مكتوباً تحتها "هكذا فقط". تعاونت مع المخابرات البريطانية بزعامة مناحيم بيغن الذي أخذ ينسق مع "الهاغاناه" أيضاً. لعبت هذه المنظمة دوراً كبيراً في تهجير اليهود إلى فلسطين والتجسّس على العرب. ولجأت إلى إرهاب العرب لإجبارهم على مغادرة البلاد، فهاجمت المدنيّين والسيارات العربية، وقامت بتنفيذ مذبحة دير ياسين بتنسيق سرّي مع "الهاغاناه". وبعد عام 1948 أُدمجت في الجيش (الإسرائيلي)، وأسّسَ بيغن حزب "حيروت" الذي حمل الأيديولوجية العنصرية الإرهابية نفسها. وفي عام 1968 كرّم رئيس الدولة الصهيونية قيادات "الأرغون" "لدورهم الكبير في خلق دولة إسرائيل" (45).‏
أمّا مناحيم بيغن (المولود في عام 1913) فهو الزعيم الإرهابي الصهيوني ورئيس حزب "حيروت" الفاشي وتحالف "ليكود" والقائد السابق لمنظمة "الأرغون" الإرهابية، ورئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق‏ (1977-1983). بولندي المولد. انضم إلى منظمة "بيتار" (1929)، التي كان هدفها إعداد الشبيبة للهجرة إلى فلسطين والقتال في سبيل الصهيونية. وإتّباع الإرهاب والعنف وسفك الدماء وطرد العرب وسحقهم وتشريدهم، كوسائل لتحقيق أهداف "الصهيونية التنقيحية" التي كان يبشّر بها جابوتنسكي، الموجّه العقائدي لـ "بيتار"، ومُلهِمَ بيغن ومنظمته الإرهابية "أرغون".‏
اعتقلت السلطات السوفييتية بيغن سنة 1940 بتهمة التجسّس لحساب بريطانيا، وأطلقت سراحه بعد عام. ولدى وصوله إلى فلسطين بدأ نشاطه في الصفوف الصهيونية المتطرّفة. وتولى قيادة "المنظمة العسكرية القومية أرغون تسفاي ليئومي"الإرهابية عام 1943. وفي الفترة ما بين 1943-1948 مارس بيغن الإرهاب بأنواعه كافة ضد عرب فلسطين، وضد القوات والإدارة البريطانية (الجلد بالسياط وتفجير الأماكن العامة والقتل الجماعي.. الخ)، وكان ذلك بالتنسيق في غالب الأحيان مع القيادة الصهيونية و"الوكالة اليهودية". أما أشهر أعماله الإرهابية فكانت نسف فندق الملك داوود، مقر حكومة الانتداب، ومذبحة دير ياسين الرهيبة، التي نفّذتها قوات أرغون بالتعاون مع قيادة عصابات "الهاغاناه" في 9/4/1948 ضد أهالي قرية دير ياسين العربية، الواقعة على أطراف مدينة القدس، وأسفرت عن ذبح 250 عربياً وجرح عدد مماثل معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ العُزّل من السلاح. أما من لم يقتل من أهالي القرية فقد اقتيد في سيارات نقلتهم إلى الأحياء من القدس، حيث استعرضوا أمام الجمهور الصهيوني المتعطّش للقتل وسفك الدماء، حيث رماهم بالحجارة وكال لهم أقذع الشتائم والإهانات. وفي المؤتمر الصحفي المُغلق الذي عقدته قيادة "الأرغون" أُعلن أنّ مذبحة دير ياسين، تشكّل بداية تنفيذ المخطط الصهيوني للاستيلاء على فلسطين وشرقي الأردن. وكانت الأوساط الصهيونية حاولت في فترة من الزمن التقليل من أهمية واقعة المذبحة وعدد ضحاياها، وإظهارها كعمل قامت به مجموعة إرهابية "غير مسؤولة" لكنّ الكاتب والصحفي (الإسرائيلي) إيلان هاليفي، كشف في مؤلّفه الوثائقي -"إسرائيل من الإرهاب إلى المجزرة" (46) أنّ مذبحة دير ياسين نفّذتها بتنسيق سابق وحدتان تابعتان لتنظيمين سياسيّين -عسكريين، هما "منظمة الأرغون تسفاي ليئومي" أو "المنظمة العسكرية القومية" التي كان يرأسها مناحيم بيغن، و"منظمة ليهي" التي أطلق عليها اسم "لوهامي حيروت إسرائيل" أي "المقاتلين لتحرير إسرائيل"، والمعروفة أكثر في الغرب باسم مجموعة "شتيرن" (النجمة)، والرجل الثاني فيها كان هو إسحق شامير. وقد أورد هاليفي نصّ المقابلة، التي نشرتها الصحيفة الإسرائيلية (يديعوت أحرونوت) في الرابع من نيسان عام 1972 مع العقيد مائير بايل ضابط الاحتياط وأستاذ التاريخ العسكري في "جامعة تل أبيب"، حيث بيّن بالوثائق والقصص التي تحدّث بها المشاركون في المذبحة (من التنظيمين الإرهابيّين) كيف أنها نُفّذت بأوامر مباشرة من بيغن وشامير، اللّذين كان بن غوريون يُطلق عليهما لسنوات عديدة لقب "الفاشيّين".‏
وقد دعّم شهادة بايل (إسرائيليون) آخرون، كمورخ "الأرغون" يهوشا أوفير في كتابه "المعاقل". واللافت للانتباه أن رؤساء هذين التنظيمين أصبحوا فيما بعد مؤسّسي "دولة إسرائيل"، وكانوا يشكّلون المعارضة البرلمانية قبل أن يتعاقبوا على رئاسة الوزراء(47).‏
وبعد سرده لتفاصيل المذبحة، وطبيعة المناقشات التي دارت بين القادة الميدانيين الذين أشرفوا مباشرة على تنفيذها يقول مائير بايل: "إنّ الهجوم على دير ياسين وصمة عار سوداء في تاريخ الشعب اليهودي والمجتمع‏ الإنساني"(48).‏
وعودة إلى الاتهامات المتبادلة بين التنظيمات الإرهابية الصهيونية، في ما يخصّ الجهة التي قامت بالعملية، فإننا نقرأ في وثيقة "الليهي" الصادرة في شهر نيسان عام 1948 "رداً على إعلان الهاغاناه" (القطري /ضابط الارتباط) إلى قيادة هذين التنظيمين، والذي يشير إلى الأعمال التي قاموا بارتكابها، وجاء فيها: "إنكم عزمتم مهاجمة دير ياسين.. ضمن خطتنا العامة، وليس لدي أي اعتراض حول ما كلفتهم به من مهمة شرط إنشاء قوة كافية لمهاجمة القرية بعد أن تتم العملية.." (49).‏
وكان لهذه المجزرة الأثر الكبير في هرب السكّان العرب من بيوتهم وقراهم، خصوصاً أنّ جهل الإعلام العربي الداخلي، أغفل ما للتركيز على نشر تفاصيل المذبحة من أثر نفسي سلبي خطير باتجاه تشجيع النزوح، والإسهام في تنفيذ الخطة الصهيونية العنصرية في هذا المجال، حيث قامت عصابات الهاغاناه والأرغون وشتيرن وبالماخ بتطبيق استراتيجيتها الكبرى، القائمة على طرد أكبر عدد من السكان العرب وإبادة من يرفض النزوح، وإقامة سلسلة من المستعمرات الاستيطانية اليهودية على امتداد الأراضي العربية المحتلة، وإذا كانت الأوساط الصهيونية حاولت في وقت إغفال حقيقة انضمام تلك المجموعات إلى كيان الجيش (الإسرائيلي)، إلاّ أنّ "الدولة الإسرائيلية" كرّمت تلك المجموعات الإجرامية بعد حوالي عشرين سنة من المذبحة، وأعادت تقييمها على أساس أنها "عمليات لا بدّ منها"، وأنّ الذين نفذوها "يستحقون الأوسمة والتكريم"، وفي مقدمتهم المجرمان مناحيم بيغن وإسحق شامير، اللّذان أسندت إليهما رئاسة الحكومة (الإسرائيلية) بعد حوالي ثلاثين عاماً من تلك المجازر الفظيعة.‏
والواقع أنّ بيغن وشامير ورابين ودايان- ككلّ الصهاينة من مفكرين وعسكريين وساسة- كانوا دائماً منسجمين مع أيديولوجيتهم العنصرية والفاشية والإرهابية، عندما كانوا -وما يزالون- يمارسون القتل والعنف وذبح الأبرياء وتهجيرهم، وإزالة بلدات وقرىً ومزارع عربية من الوجود نهائياً.‏
وهم لا يخفون تلك الوقائع الإجرامية، وإنما -على العكس من ذلك- يتفاخرون بها، بحسبانها "بطولات وتضحيات عظيمة" في سبيل إنشاء الكيان الصهيوني، وتحقيق أهدافه الاستراتيجية الكبرى. والدليل على ذلك مذكّراتهم ومؤلّفاتهم ومقالاتهم، المتداولة على نطاق واسع في الأوساط (الإسرائيلية) والصهيونية العالمية.‏
وعلى سبيل المثال فإنّ بيغن كتب كثيراً من المقالات السياسية، التي تدافع بحرارة وتعصّب عن كلّ عمل إجرامي قامت به عصابات "الأرغون"، التي كان يقودها. وله "مذكرات" حول قيام هذه المنظمة الإرهابية ونشوئها والأعمال القذرة التي مارستها، وذلك تحت عنوان "الثورة". كما نشر كتاباً تناول فيه فترة اعتقاله (بتهمة التجسّس) في روسيا أسماه "الليالي البيضاء". وفيهما ما يكشف فلسفته العنصرية ومزاجه الإرهابي- العدواني. حيث يعترف مباشرة أنّ "الاستيلاء على دير ياسين والتمسّك بها، كانت واحدة من إحدى مراحل المخطط العام، وأن المجزرة قد تم تنفيذها "بعلم الهاغاناه وبموافقة قائدها"، بالرغم من الغضب الكاذب، الذي عبّر عنه المسؤولون في "الوكالة اليهودية" آنذاك، والمتحدثون الصهاينة إرضاءً للرأي العام العالمي.‏
وعندما قام حاكم مصر أنور السادات بزيارته الشهيرة للقدس المحتلّة، وألقى خطابه المعروف أمام "الكنيست" ردّ عليه بيغن بعجرفة بالغة وحقد وعنصرية كريهة. وبالرغم من كلّ التنازلات التي قدّمها له حاكم مصر في "كامب ديفيد"، فإنه لم يتراجع خطوة واحدة عن مواقفه الصهيونية الحاقدة، لا بل استفاد من هذه التنازلات لتحقيق مكاسب إعلامية، كان أبرزها منحه مناصفة مع السادات "جائزة نوبل للسلام" وسط احتجاج واسع ضدّ هذا الإرهابي العنصري المفضوح.‏
وقد أصبحت مذبحة "دير ياسين" نموذجاً نمطياً لعدد من المذابح الصهيونية الأخرى "الناجحة". فلقد ذكر يتشاكي في جريدة "يديعوت أحرونوت" الصادرة في 14 نيسان /أبريل عام 1972، أمثلة كثيرة لـ "دير ياسين" وقعت في عام 1948.‏
واختار يتشاكي ما حدث في "اللّد" على أنه أشهر عملية قامت بها قوات "البالماخ" وقد تم تنفيذ عملية "اللّد"، المعروفة بـ "حملة داني"، لإخماد انتفاضة عربية شعبية قامت في تموز /يوليو عام 1948 ضد الاحتلال الإسرائيلي. فقد صدرت تعليمات بإطلاق الرصاص على أي شخص عربي يتحرّك في الشارع، وفتح جنود البالماخ نيران مدافعهم الثقيلة على جميع المشاة، وأخمدوا بوحشية هذا العصيان العفوي خلال ساعات قليلة، وأخذوا يتنقلون من منزل إلى آخر، يطلقون النار على أي هدف متحرّك ونتيجة لذلك لقي 250 عربياً مصرعهم (وفقاً لتقرير قائد اللواء). وذكر كينيت بيلبي، مراسل جريدة "الهيرالد تريبيون" الذي دخل "اللّد" يوم 12 تموز /يوليو، أنّ موشي دايان قاد طابوراً من سيارات الجيب، التي تقلّ عدداً من الجنود المسلحين بالبنادق والرشاشات من طراز ستين والمدافع الرشاشة ذات الكثافة النارية الكبيرة. وسار طابور العربات الجيب في الشوارع الرئيسية، يطلق النيران على كل شيء يتحرك، ولقد تناثرت جثث العرب، رجالاً ونساءً، بل وحتى جثث الأطفال في الشوارع.‏
في أعقاب هذا الهجوم (50). وعندما تمّ الاستيلاء على "الرملة" في اليوم التالي، ألقي القبض على جميع من بلغوا سنّ التجنيد من العرب، وأودعوا في معتقلات خاصّة )51 . (ومرّة أخرى تجوّلت العربات في المدينتين، وأخذت تعلن، من خلال مكبرات الصوت، التحذيرات المعتادة، وفي يوم 13 تموز يوليو أصدرت مكبرات الصوت أوامر نهائية، حددت فيها أسماء جسور مُعينّة طريقاً للخروج(52).‏
وقد علّق حاييم وايزمان على نتائج الإرهاب والمكر الصهيونيين قائلاً: إنّ خروج العرب بشكل جماعي كان تبسيطاً لمهمة (إسرائيل) ونجاحاً مزدوجاً: انتصار إقليمي، وحل ديموغرافي نهائي (53)، إنّ الأرض، بعد تفريغها من سكانها، أصبحت بلا شعب حتى يأتي الشعب الذي لا أرض له(54).‏
ويعد عام 1948 أصبحت الفظائع الصهيونية والإرهاب الرسمي والقتل الجماعي والإبادة المنظمة، استراتيجية ثابتة اتّبعها الكيان الصهيوني ضد عرب الأراضي المحتلة، وضدّ الشعب اللبناني (مجازر صبرا وشاتيلا وتهجير القرويين جماعياً.. ومجزرة قانا)، وضد أبناء الجولان وغيرها من الأراضي العربية، الرازحة تحت نير الاحتلال، أو محاذية لقوّاته ذات الطابع العدواني- الإرهابي. (وهناك دراسات ووثائق حول هذه الفظائع، لذلك لن نتوقف عندها في بحثنا هذا). بل بلغت انتهاكات الصهاينة وجرائمهم وإرهابهم دولاً وشعوباً ليس لها حدود مشتركة معهم، مثل تونس وأوغندة والعراق وغيرها من الدول، ناهيك عن أعمال "الموساد"، التي شملت معظم أنحاء العالم، والحديث عنها يتطلّب دراسات خاصة. وقد كتب حول هذه الأعمال الإرهابية عشرات المؤلفات ومئات الوثائق والأدلّة القاطعة.





Afficher le document
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 647
نقاط : 1469
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 09/12/2010
العمر : 37

https://tolabo-ghaza.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

النزعة الفاشية -العنصرية في الفكر الصهيوني الاستيطاني‏ Empty رد: النزعة الفاشية -العنصرية في الفكر الصهيوني الاستيطاني‏

مُساهمة من طرف Admin الجمعة أبريل 01, 2011 9:57 pm

[td style="PADDING-RIGHT: 5px; PADDING-LEFT: 0px; PADDING-BOTTOM: 5px; WIDTH: 57px; PADDING-TOP: 3px" valign="top"][/td][td style="PADDING-RIGHT: 5px; PADDING-LEFT: 0pt; PADDING-BOTTOM: 5px; PADDING-TOP: 5px" valign="top"]
1 avril 15:49
https://www.facebook.com/l/f7011LYq3kjWLsEqpEDUcwRJB2w/www.youtube.com/watch?v=8HWahYp2oH8&feature=related

النزعة الفاشية -العنصرية في الفكر الصهيوني الاستيطاني‏ Safe_image.php?d=04bca5df2ea239106eafbc5d2acd6ab3&w=130&h=130&url=http%3A%2F%2Fi.ytimg.com%2Fvi%2F8HWahYp2oH8%2F0الاقصى يحتضر والهيكل اكتمل :: نبيل العوضي :: الجزء 3
www.youtube.com
‫خطبة الجمعة تاريخ 22/1/2010 ، يتحدث الشيخ نبيل في هذه الخطبة عن الحفريات التي عملت لبناء الهيكل المزعوم تحت مسجد الأقصى ، ولا عزاء للمسلمين .. فلا تنديد ولا تشجيب ولا دفاع عن الأقصى !!!‬

[/td]
Admin
Admin
Admin

عدد المساهمات : 647
نقاط : 1469
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 09/12/2010
العمر : 37

https://tolabo-ghaza.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى